استغرب المواطنون إعلان رئيس مجلس سلطة الضبط للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، محمد أحمد ناصر، "الحرب" على ما سماه "السوق المٌوازية" للبريد، التي يعتمدها كثير من سائقي الحافلات وسيارات الأجرة للمسافات الطويلة، انطلاقا من محطات نقل المسافرين. والعملية تتمُّ باتفاق بين صاحب الرسالة وسائق الحافلة أو سيارة الأجرة، على توصيل رسالته إلى شخص معين في ولاية أخرى، مقابل مبلغ مالي، ويتواصل الثلاثة فيما بينهم "المُرسِل والسائق والمُرسَل إليه" عبر تبادل أرقام هواتفهم.
وأكد المتحدث أن محاربة الظاهرة ستكون عن طريق اعتماد آليات محاربة السوق المٌوازية، من خلال مباشرة تحقيقات على مستوى محطات نقل المسافرين، تتكفل بها شرطة البريد.
ويشار إلى أن كثيرا من الجزائريين صاروا يعتمدون وبصفة شبه كلية ومنذ زمن، على سائقي سيارات الأجرة والحافلات، لتوصيل رسائلهم وطرودهم، وحتى أشيائهم الثمينة. ومبرِّرهم في ذلك، هو سرعة وصول الرسالة، حيث لا تستغرق في الغالب أكثر من 4 ساعات أو يوما كاملا في حال نقلت الرسالة إلى ولاية بعيدة، ويتسلم السائق مقابل خدمته مبلغا ماليا يتراوح بين 200 و400 دج. لكن إذا أرسلت الرسالة أو الطرد عبر البريد، فأقل وقت تستغرقه للوصول إلى صاحبها، يزيد عن الأسبوع أو الشهر في بعض الحالات. وهو ما جعل المواطنين يستنكرون خرجة سلطة الضبط للبريد، متوقعين الفشل المسبق للعملية.
وفي الموضوع، تؤكّد إيمان من العاصمة أنها مداومة على إرسال طرود وأشياء وحتى ملفات إدارية إلى قريبتها المٌقيمة في ولاية الشلف، عن طريق سائق حافلة على مستوى محطة الخرّوبة بالعاصمة مقابل مبلغ 400 دج. وفتاة أخرى مقبلة على الزواج، أكدت لنا أنها اشترت "قفطانا" غالي الثمن من ولاية تلمسان، وتكفل سائق حافلة بإحضاره لها من تلمسان إلى غاية الجزائر العاصمة وفي اليوم نفسه، مقابل مبلغ 400 دج فقط، متسائلة: "تخيل إذا أرسل إلي القفطان عن طريق البريد العادي، فأكيد سيصل بعد موعد زواجي...!!".
أما رضا، فيؤكد أن ظاهرة "السوق الموازية للبريد" مفيدة جدا للمواطن، وأزاحت عنهم غبن "بطء" البريد العادي، مؤكدا تلقيه مرة استدعاء من محكمة حسين داي عن طريق البريد العادي، وصله بعد 6 أشهر كاملة من إرساله، أي بعد موعد جلسة محاكمته...!! رغم أنه مقيم ببلدية القبة المجاورة.
ممثل سائقي سيارات الأجرة آيت الحسين إبراهيم :
على سلطة البريد تنظيم الظاهرة بدل محاربتها
إلى ذلك، تأسّف ممثل سائقي سيارات الأجرة، آيت إبراهيم الحسين، في اتصال مع "الشّروق"، لعزم سُلطة ضبط البريد محاربة ظاهرة البريد الموازي بمحطات الحافلات بدل تنظيمها وإنشاء مكتب رسمي يُشغِّل بطالين، معتبرا أن استعانة المواطنين بخدمات السائقين لتوصيل طرودهم خاصة المستعجلة "ضرورة أوجدتها ظاهرة تقاعس مصالح البريد في ضمان السرعة والضمان عند توصيل الرسائل".
ورغم اعتراف محدثنا بعدم قانونية الظاهرة والبزنسة فيها "بعدما استغلها بعض المحسوبين على نقابات النقل لسيارات الأجرة والحافلات، فصاروا يأخذون مبلغ 100 دج عن كل طرد ويختارون سائقا معينا يكون محسوبا عليهم، لتوصيل الطرد مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 500 و800 دج يدفعها المواطن"، ولكنه يقترح إنشاء مكتب لتسلم الطرود بمحطات الحافلات، تشرف عليه الولاية ويُسيِّره بطالون أو ذوو الاحتياجات الخاصة بدل النقابيين..
تعليقات
إرسال تعليق